الأربعاء، 15 فبراير 2012

الوسطية في الاسلام

الوسطيه في الاسلام

أفضل جواب الوسطية في الإسـلام ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدً ﴾

الوَسَط هو اسمٌ لما بيْن طَرَفَي الشَّيء

إِنَّ الوسطيَّةَ من خَصائصِ هذه الأُمَّة وهي سببُ خَيْريَّتِها ولا تزالُ الأُمَّةُ بخَيْرِ ما حافَظَتْ على هذه الخَاصيَّةِ التي تتميَّزُ بها خاصية الوسطيَّةِ التي تُمثِّلُ الاعتدالَ والاستقامةَ على صِراطِ اللهِ عزَّ وجلَّ فإِذا خرَجتْ عن الوسَطِ إلى أحَدِ جانِبَيْه ففرّطَتْ أو أَفْرَطَتْ فقد هلَكت فإِنَّ التَّطرُّف مَهْلَكة التَّطرُّف لا يخْتَصُّ بالغُلُوِّ والإفْراط، وإٍنَّما الغُلُّوُ والإفْرَاطُ تطرُّف والتَّقْصِيرُ والتَّفرِيطُ تَطرُّفٌ أيضاً وكِلاَهُما مَهْلَكَةٌ للفَرْدِ والمُجْتَمع فالَّذِي يُفَرّط في حِقِّ اللهِ ويُقْصِّرُ في القِيَام به مُتَطَّرِّف كما أَنَّ الذي يتطَّرف إلى جِهَةِ الغُلُوِّ والتَّشدُّد والتَّزمُّت يُوجِبُ ما لَيْس بواجب ويُحَرِّم ما لَيْسَ بمحرَّم ويكفِّر المسلمينَ ويُفَسِّق الصَّالحين فيسْتَحِلُّ دِماءَهم وأمْوالَهم ويخرُج على حُكَّامهم وأُمرائهم فيثيرُ الفَوْضَى ويَسْعَى في الأرضِ فساداً ﴿ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾


الوسطيـة فـي الإسـلام




قال الله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدً ﴾ البقرة 143 .

الوَسَط اسمٌ لما بيْن طَرَفَي الشَّيء وقد يُطْلَقُ على ما لَه طرَفانِ مَذْمُومانِ كالجُودِ بيْن البُخْل والسَّرَف وقد يُطْلَقُ على ما لَه طَرفٌ محمودٌ وآخرُ مَذْموم كالجَوْدَة والرَّداءةِ تقول في الشَّيء هذا وسَطٌ بيْن الحَسنِ والرَّديء فالوَسَطُ الخِيَّار فوَسَطُ الوادِي خَيْرُ مكانِ فيه ويُقَالُ فُلانُ وسَطٌ في قوْمِه إذا كان أوْسَطَهم نسَباً وأرْفَعهم مَجْداً وقد جاء فى صِفَةِ نبِّينا - صلى الله عليه وسلم - أَنَّه كان من أوْسَطِ قَوْمِه أيْ خِيارهم وقد جعلَ اللهُ أُمَّته وسَطاً أي خِياراً والمقصود بالتوسُّط أَنْ يتحرَّى المُسْلِمُ الاعتدالَ ويبْتَعِدَ عن التطرُّف في الأقْوالِ والأفْعال بحيثُ لا يَغْلُو ولا يقصِّر ولا يُفرْط فإِنَّ الإفْرَاطَ والتَّفريطَ مذمُومانِ وقد نهىَ اللهُ عنهما وذمَّ أهلَهما

فقال تعالى : ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْ ﴾ هـود 112

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ هَاتِ الْقُطْ لِي فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ قَالَ : أَمْثَالِ هَؤُلاَءِ وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ وقال تعالى : ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ الأنعام 31

وقد نهى اللهُ تعالى عن طاعةِ هؤلاءِ وأمر بمخالفتهم فقال تعالى : ﴿ وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطً ﴾ الكهف 28
فمتى ابتعدَ الإنسانُ عن الإفْراطِ والتَّفريط فقد اعتدلَ على أوْسَطَ الطريق واستقامَ على الصِراطِ المستقيم كما أمر الله ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ الأنعام : 153
وقد أمر اللهُ تعالى عبادَه المؤمنينَ أَنْ يسألوه ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾ [ الفاتحة6: 7] فالمغضوبُ عليهم وهم اليهودُ فرّطوا وقصَّروا والضَّالين وهم النَّصارى غَلَوْ وأَفْرَطُوا وتشدَّدوا حتى ابْتدَعُوا والصِّراطُ المستقيمُ الذي هدى اللهُ إليه النبِّيين والصِّديقينَ َوالشُّهداءَ والصَّالحين هو العَمَلُ بالعِلْم في غَيْرِ إفْرَاطٍ ولا تفريط وقد أنعم الله على أمة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - بالهدايةِ إلى هذا الصِّراطِ المستقيمِ فكانُوا بذلك أُمَّةً وسطاً قال تعالى : ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطً ﴾ البقرة 142 - 143
فالوسَطِيَّةُ تعني اتِّباعَ الصِّراطِ المُسْتَقيم والثَّباتَ عليه والحَذَرَ من المَيْلِ إلى أَحَدِ جانِبَيْه ولقد ضربَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لذلكَ مثلاً محسُوساً فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَطَّ خَطًّا وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَطِّ الأَوْسَطِ فَقَالَ : ( هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ) ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآَيَةَ ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ الأنعام 153
قال ابن القيِّم : وهذا الصِّراطُ المستقيمُ الذي وصَّانا الله تعالى باتِِّباعه هو الصِّراط الذي كان عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه وهو قَصْدُ السَّبيل وما خرَج عنه فهو من السُّبلُ الجائرة لكنَّ الجَوْرَ قد يكونُ جُوْراً عظيماً عن الصِّراط وقد يكونُ يسيراً وبيْن ذلك مراتبُ لا يُحْصِيها إِلاَّ الله وهذا كالطَّريق الحِسِّي فإِنَّ السَّالِكَ قد يَعْدِلُ عنه ويجوُر جَوْراً فَاحِشاً وقد يجُور دُون ذلك فالميزانُ الذي تُعْرَفُ به الاسْتِقَامةُ على الطريق والجَوْرُ عنه هو ما كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم- وأصحابُه عليه والجائرُ عنه إِمَّا مُفْرِّطٌ ظالم أو مجْتَهِدٌ متأوِّل أو مُقَلِّدٌ جاهِل وكلُّ ذلك قد نَهى اللهُ عنه فلم يَبْقََ إِلاَّ الاقْتِصَادُ والاعْتِصَامُ بالسُّنَّةِ وعَلَيْهما مدَارُ الدِّين وقد كَثُرَتْ الآياتُ القرآنيَّةُ والأحاديثُ النبويَّةُ في الأمرِ بالوسَطيَّة والحَثِّ عليها ومَدْحِ أَهْلِها قال تعالى وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا الإسراء : 92 وقال تعالى ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ الفرقان67 وقال تعالى يَا بَنِي ءَادَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ الأعراف 31 وقال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ المائده 87 - 88 وقال تعالى ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ الأعراف : 55 وقال تعالى وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآَصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ الاعراف : 205 وقال تعالى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً الاسراء : 110 وقال تعالى إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا الآنبياء 90

عَنْ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ ذَاتَ يَوْمٍ لِحَاجَةٍ فَإِذَا أَنَا بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم- يَمْشِي بَيْنَ يَدَيَّ فَأَخَذَ بِيَدِي فَانْطَلَقْنَا نَمْشِي جَمِيعًا فَإِذَا نَحْنُ بَيْنَ أَيْدِينَا بِرَجُلٍ يُصَلِّي يُكْثِرُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَقَالَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم : أَتُرَاهُ يُرَائِي؟ فَقُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَتَرَكَ يَدِي مِنْ يَدِهِ ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يُصَوِّبُهُمَا وَيَرْفَعُهُمَا وَيَقُولُ: عَلَيْكُمْ هَدْيًا قَاصِدًا عَلَيْكُمْ هَدْيًا قَاصِدًا عَلَيْكُمْ هَدْيًا قَاصِدًا فَإِنَّهُ مَنْ يُشَادَّ هَذَا الدِّينَ يَغْلِبْهُ.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: ذُكرَ لِرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم : يَجْتَهِدُون في العِبَادَةِ اجْتِهَادًا شديدًا فقال: تِلْكَ ضَرَاوَةُ الإسْلامِ وشِرَّتُه، ولِكُلِّ ضَراوَةٍ شِرَّة، ولِكُلِّ شِرَّة فَتْرة، فمن كَانَتْ فَتْرتُه إلى اقْتِصَاٍد وسُنَّة فلام ما هو، ومَنْ كانَتْ فَتْرَتُهُ إلى المَعاصِي فَذَلِكَ الهَالِك.

وعَنْ مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: ( مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِه.

وعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَتْ صَلاَتُهُ قَصْدًا وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِي اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- إِلَيْهِمْ فَقَالَ: ( أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أُرَاهُ رَفَعَهُ قَالَ: ( أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا مَا ).

عَنْ حُمَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَقِيتُ رَجُلاً صَحِبَ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- كَمَا صَحِبَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَمْتَشِطَ أَحَدُنَا كُلَّ يَوْمٍ أَوْ يَبُولَ فِي مُغْتَسَلِهِ).

وعن ابْنِ مَسْعُودِ قال: ( الاقْتِصَادُ في السنَّة خيرٌ من الاجْتهادِ في البِدْعة).

وعن أُبيِّ بن كعبِ قال: ( عَليْكُم بالسَّبيل والسُّنة، فإِنَّه ليسَ مِنْ عبدٍ على سبيلٍ وسُنَّةٍ ذكَر الرَّحمن ففاضَتْ عَيناهُ من خَشْيَةِ الله فَتمسَّه النار، وإِنَّ اقتِصَاداً في سبيلٍ وسُنَّة خيرٌ من اجتهادٍ في إضلال).

والذي يُمْعِنُ النَّظر في هذه النُّصوص يَرى أَنَّها تدلُّ على أَنَّ وسَطيَّة الإسلامِ عامَّةٌ جامِعَةٌ شامِلةٌ للعقيدةِ والأحْكَامِ والعِبَاداتِ والمُعامَلاتِ والأَخْلاقِ والعَاداتِ والعَواطِف، وفي ذلك يقول الإمامُ الطَّحاوي: « ودينُ الله في الأرضِ والسَّماء واحد، وهو دينُ الإسلام كما قال تعالى ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ ﴾ [ آل عمران:19] ، وقال تعالى: ﴿ وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ﴾ [ المائدة:3] ، وهو بيْن الغُلُوِّ والتَّقْصير، وبيْن التَّشبيه والتَّعطيل، وبيْن الجَبْر والقَدر، وبيْن الأمْنِ والإياس» .

ويقول ابنُ تيْمِيَة: « المسلمونَ وسَطٌ في أنبْياءِ اللهِ ورُسلِه وعباده الصَّالحين لم يغلو فيهم كما غَلتِ النَّصارى ولم يَجْفُوا كما جَفتِ اليَهود ».
وهم وسطٌ في شرَائِع دينِ الله، فلم يُحَرِّمُوا على اللهِ أَنْ يَنْسَخَ ما شاءَ ويَمْحُوَ ما شاء، ويُثْبِتَ ما شاء كما قالَتْه اليهود، ولاجوَّزوا لأكابرِ عُلمائِهم وعُبَّادِهم أَنْ يُغَيِّروا دينَ اللهِ فيأمرُوا بما شاءَوا وينهوا عما شاءوا كما يفعله النصارى .

وهم كذلك وسَطٌ في بابِ صِفَاتِ اللهِ تعالى، فإنَّ اليَهُودَ وصَفُوا اللهَ تعالى بصفاتِ المَخْلُوقِ النَّاقصة والنَّصارى وصَفُوا المخلُوقَ بصفاتِ الخَالِق المُخْتَصَّةِ بـه
وأَمَّا أهلُ السُّنةِ والجَماعة فوسَطٌ في بابِ الأسماءِ والصِِّفَات بيْن أَهْلِ التَّعطيل الذين يُلْحِدُون في أسماءِ الله وآياتهِ ويُعَطِّلُونَ صفاتِه وبيْن أهْل التَّمثيلِ والتَّشبيهِ الذين يَضْرِبُون له الأمثالَ ويُشَبِّهونَه بالمَخْلُوقات وأَمَّا هم فيُؤمِنُون بما وصفَ اللهُ به نفسَه وما وصفَه به رسولُه - صلى الله عليه وسلم - من غَيْرِ تحريفٍ ولا تَعْطيل ولا تكييفٍ ولا تمثيل

وهم وسَطٌ في سائرِ أبوابِ السُّنة ووسَطِيَتُهم فيها راجعةٌ لتَمَسُّكِهم بكتابِ الله وسُنَّةِ رسوله - صلى الله عليه وسلم - وما اتَّفق عليه السابِقُون الأوَّلُون من المهاجرينَ والأنْصَارِ والذين اتَّبعوهم بإحسانٍ رضِيَ اللهُ عنهم أجمعين

إِنَّ الوسطيَّةَ من خَصائصِ هذه الأُمَّة وهي سببُ خَيْريَّتِها ولا تزالُ الأُمَّةُ بخَيْرٍ ما حافَظَتْ على هذه الخَاصيَّةِ التي تتميَّزُ بها خاصية الوسطيَّةِ التي تُمثِّلُ الاعتدالَ والاستقامةَ على صِراطِ اللهِ - عزَّ وجلَّ - فإِذا خرَجتْ عن الوسَطِ إلى أحَدِ جانِبَيْه ففرّطَتْ أو أَفْرَطَتْ فقد هلَكت فإِنَّ التَّطرُّف مَهْلَكة التَّطرُّف لا يخْتَصُّ بالغُلُوِّ والإفْراط وإٍنَّما الغُلُّوُ والإفْرَاطُ تطرُّف والتَّقْصِيرُ والتَّفرِيطُ تَطرُّفٌ أيضاً وكِلاَهُما مَهْلَكَةٌ للفَرْدِ والمُجْتَمع.

فالَّذِي يُفَرّط في حِقِّ اللهِ ويُقْصِّرُ في القِيَام به مُتَطَّرِّف سواءٌ تَركَ الصَّلاةَ أو منعَ الزَّكاةَ أو تركَ صِيَامَ رمضانَ أو تَركَ الحَجَّ مع القُدْرَةِ عليه فهذا إنْسَانٌ متطرِّفٌ إذا ضيَّع حقَّ اللهِ كان لغَيْره من الحقوقِ أشدَّ تضييعاً فهو لا يبرُّ أبويْه ولا يصل رَحِمَه ولا يُكْرِمُ اليتيمَ ولايحضَّ على طعام المسكين مُنْتَهِكٌ للأعراض سالِبٌ للأمْوال مُزْهِقٌ للأرْواح فهو شرٌّ ووبَالٌ على المجتمع

كما أَنَّ الذي يتطَّرف إلى جِهَةِ الغُلُوِّ والتَّشدُّد والتَّزمُّت يُوجِبُ ما لَيْس بواجب ويُحَرِّم ما لَيْسَ بمحرَّم ويكفِّر المسلمينَ ويُفَسِّق الصَّالحين فيسْتَحِلُّ دِماءَهم وأمْوالَهم ويخرُج على حُكَّامهم وأُمرائهم فيثيرُ الفَوْضَى ويَسْعَى في الأرضِ فساداً ﴿ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [ الكهف:104] .

وكِلاَ الطَرفيْنِ يُخَالِفُون صريحَ الآياتِ والأحاديثِ التي تَنْهَى عن التَّفْرِيط والإفراط كليْهِما وتدُعو إلى التَّوسُّطِ والاعْتدال، والواجبُ على كلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ أَنْ ينأى عن التَّفريط وأَنْ يُبعد نفسَه عن الإفْراطِ حتى يكونَ من هؤلاءِ الذين قال اللهُ فيهم: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطً ﴾ [ البقرة:143 ] وليعلَمَ أَنَّ الفضائلَ كلَّها منوطةٌ بعدمِ التَّفريط والإفْراط في الأمُور كله

ولقد أحسنَ مَنْ قال : إذا خرجَ الشَّيءُ عن حَدّه انقلبَ إلى ضِدِّه فالشَّجاعةُ إذا لم تُضْبَطْ صارَتْ تهوُّراً والجُودُ إذا لم يُضْبَطْ صار إسْرافاً والتَّواضُعُ إذا لم يُضْبَطْ صارَ ذِلَةً ومَهانةً وخُنُوعاً وهكذا وخَيْرُ الأُمُورِ أوسْاطها كما قال الحسَنُ البَصْرِي.

وقال وهبُ بن مُنَبِّه : « إنَّ لكلِّ شيءٍ طرفيْن ووسطًا فإذا أَمْسَكَ بأحدَِ الطَّرَفَيْن مالَ الآخر، فإذا أمْسَك بالوَسَطِ اعتدَلَ الطَّرفَانِ فعلَيْكُم بالوسَطِ من الأشياء».

وقال ابنُ القيِّم مِنْ كَيْدِ الشَّيطانِ العَجيبِ أَنَّه يُشامِ النَّفسَ حتَّى يعلَمِ أيَّ القوَّتيْن تَغْلِبُ علَيْها: أقوَّةُ الإقْدام أم قُوَّةُ الانْكِفَاف والإحْجام والمهَانة، وقد اقتطَع أكثرُ النَّاس إِلاَّ أقلَّ القليل في هذيْن الوادييْن: وادِي التَّقصير ووادِي المُجَاوَزةِ والتَّعدي، والقليلُ منهم جداً الثَّابِتُ على الصِّراط الذي كان عليهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو الوسَط

نسأل الله تعالى أَنْ يثبِّتنا على صِراطِه المسْتقيم وأنْ يَعْصِمَنا من التطرُّفِ عنه إلى الإفْرَاط أو التَّفريط

الأحد، 18 سبتمبر 2011

وسائل الاتصال بي واستقبال الرسائل



لاستقبال الرسائل
email : nice_smile2010@live.com
mohamed.saadeldin1972@gmail.com

للتواصل على تويتر 
https://twitter.com/m7mdsaadeldin

للتواصل على الفيس بوك
http://www.facebook.com/m7mdsaadeldin

mob : +201006835684 - +201227147899

الأحد، 4 سبتمبر 2011

الموروث الثقافي المصري



                                      الموروث الثقافي المصري


الميراث الحضاري والثقافي المصري هو الذي انقذ المصريين في كل المحن فان هذا الميراث الموروث منذ مئات السنين هو الذي ظهر في 23 يوليو 1952 وظهر مرة اخرى في 6 اكتوبر 1973 وساعد المصريين في 25 يناير 2011 وفي الماضي ساعدهم في ثورة 1919 والثورات المصرية عبر التاريخ فالمصري الاصيل لا يقبل الاحتلال ابدا حتى لو من مصري مثله حينما يتعرض المصريون لاحدى الكوارث يتعاملوا معها بدون مفاتيح واقفال ولا يتم حساب اي حسابات لمردودات الافعال ويديروا اي كارثه بموروثهم الحضاري من ثقافات مع المواقف المختلفه . ويتوقف الامر هنا على مدى براعة المصريون وقدراتهم الموروثه في ادارة المواقف والازمات وهذا يجعلني متفائل بما هو قادم خلال الشهور القادمه فكلي ثقة بان المصريون سيخطون خطواتهم بثقة لانتخابات برلمانيه ورئاسيه تعبر بهم الى بر الامان فالمصريون يحتاجون ان يعبروا من جديد . رحم الله الكاتب الكبير والجميل انيس منصور لقد ظللت سنين طوال اتعلم من مواقفه غفر الله له وادخله فسيح جناته والهم اهله الصبر والسلوان .

محمد سعد الدين القاهره في 12-10-2011 mohamed.saadeldin1972@gmail.com

السبت، 27 أغسطس 2011

يوم من عمري في مسجد عمرو بن العاص


استيقظت الجمعة 26 أغسطس 2011 م الموافق 26 رمضان 1432 هـ متأخرا بعد صلاة الظهر ولم يحدث هذا منذ سنوات لأنني أحافظ على صلاة الجمعة فأسرعت متوضئا وذهبت إلى المسجد ولحقت صلاة الجمعة عند الاقامه الحمد لله إنها آخر جمعه في شهر رمضان واحتمال أن تكون جمعة ليلة القدر أيضا أنا ذاهب اليوم إلى مسجد عمرو بن العاص سيصلى بنا التراويح الشيخ محمد جبريل كم كنت أتمنى أن اصلي خلفه في السنون الماضية عندما كان يجئ إلى مسجد العزيز بالله بحي الزيتون وأيضا سيصلي بنا التهجد الشيخ الرائع محمد حسان وبالفعل أخذت بعض الحاجيات والاطعمه والعصائر وتوجهت الى مترو الانفاق وركبت وعند العصر تماما كنت في محطة المترو وصليت العصر بالمحطه في جماعة صغيره وتوجهت الى المسجد العتيق اول مسجد بمصر وهو مسجد عريق تستشعر فيه عظمة التاريخ الإسلامى فعندما تطأ قدمك أرضه يعود بك الزمان إلى عصر الفتوحات الإسلامية وتقفز إلى مخيلتك صورة الصحابى الجليل عمرو بن العاص عندما فتح مصر وطهرها من فلول الرومان في ساحته توحدت قلوب المصريين وبأروقته تجمع خيار الصحابة فكان الإطلالة الدينية التي نقلت الإسلام بكل ما فيه من تألق وحضارة إنسانية إلي أفريقيا والجامعة الإسلامية التي تخرج منها الكثيرون من مفكرى الإسلام علي مدي الحقب الماضية ليبقى على مدار الزمان رمزا لتحرير مصر وشاهدا على تاريخها منذ أن دخلها الإسلام حتى الآن
يعتبر مسجد عمرو بن العاص اللبنة الإسلامية الأولى في القاهرة العاصمة ونظرا لدوره التاريخي في الماضي والحاضر وقيمته الأثرية العظيمة ودوره الحضاري في مناحي الحياة بمصر وفي كافة المجالات أطلق عليه العديد من الأسماء والألقاب منها الجامع العتيق وتاج الجوامع ومسجد الفتح ومسجد النصر وجامع مصر وقطب سماء الجوامع وهو أيضا أول جامعه إسلامية قبل الأزهر والزيتونة والقيروان لذلك اعتبره الكثيرون أزهر ما قبل الأزهر حيث تلقى فيه طلاب العلم كافة علوم اللغة العربية والدين الإسلامي الحنيف وهو الأثر الإسلامي الوحيد الباقي منذ الفتح الإسلامي لمصر ومن أشهر تلاميذه الإمام الليث بن سعد والإمام الشافعي والسيدة نفيسة وابن حجر العسقلاني وسلطان العلماء العز بن عبد السلام وقد أقيم المسجد على مساحة هائلة تبلغ 13800 مترا وتنتشر فيه العديد من الأعمدة التى يبلغ عددها 365 عمودا بعدد أيام السنة ويطل المسجد على النيل من الناحية الشمالية الغربية وهو مكان حديقة قيسبة بن كلثوم وقد عرض عمرو عليه أن يعوضه عنها ولكنه تبرع بها ورفض التعويض وعند افتتاح المسجد كانت مساحته حوالى 675 مترا وله ستة أبواب بابان تجاه دار عمرو بن العاص من الجهة الشرقية وبابان من الشمال وبابان من الغرب وكان سقفه منخفضاً ومكوناً من الجريد والطين محمولاً على ساريات من جذوع النخل كما كانت الحوائط من الآجر والطوب اللبن وغير مطلية ولم يكن به صحن وكانت أرضه مفروشه بالحصباء وبه بئر يعرف بالبستان استخدمه المصلون وقتها للوضوء وقد تعرض المسجد للعديد من عمليات الترميم والتجديد حيث لم يبق من البناء القديم سوى موقعه فقط فقد مرت عليه أحداث جسام أثرت على معالمه وأدت إلى انهيار أجزاء منه ومن أهم هذه الأحداث الحريق الأول فى 9 صفر 275هـ حين اشتعلت النيران فى نهاية المسجد وكذلك الحريق الثانى عام 564هـ أثناء حريق الفسطاط بسبب نزاع شاور وضرغام وأيضاً الزلزال المدمر الأول عام 702هـ والزلزال المدمر الثانى الذى هز مصر 15 ربيع الثانى عام 1992مـ وعلى أثره تولت هيئة الآثار القيام بأعمال الترميم وفى 24 مارس 1996 شهد المسجد انهيار 150 مترا من سقف الجامع فى الجزء الجنوبى الشرقى برواق القبلة وشمل الانهيار ثلاثة عقود في أقدم منطقة بالمسجد بعد سقوط أحد الأعمدة وكان قد تعرض للعديد من عمليات الترميم والتجديد ترجع إلى العصر العثمانى وقد قام الدكتور عبد الحليم نور الدين على الفور بزيارة الموقع وتشكيل لجنة فنية للتعرف على أسباب الانهيار وخلال ذلك أمر الرئيس السابق مبارك بفك إيوان القبلة وإعادة تركيبه فى 1997 بعدما علم من الدكتور عبد الرحيم شحاته محافظ القاهرة حالة المسجد السيئة وتم هذا مع الإصلاحات والتجديدات الأخرى التى تمت فى بقية إيوانات المسجد والطريق المحيط به ونفذت بتكلفة قدرها 15 مليون جنيه وانتهى العمل بها فى أكتوبر 2002
عند دخولك ساحة المسجد يغمرك إحساس رائع بالسكينة والهدوء النفسى عندما تجد نفسك وسط بهو كبير تتوسطه ميضأة أقيمت فوق بئر قديم تم ردمه تعلوه قبة كبيرة ويتكون المسجد من مدخل رئيسي بارز يقع فى الجهة الغربية للجامع الذي يتكون من صحن كبير مكشوف تحيط به أربعة أروقة ذات سقوف خشبية بسيطة أكبر هذه الأروقة هو رواق القبلة ويتكون من إحدى وعشرين بائكة تتكون كل منها من ستة عقود مدببة مرتكزة على أعمدة رخامية وبصدر رواق القبلة محرابين مجوفين يجاور كل منهما منبر خشبي أحدهما منبر الدكتور محمد عبد السميع جاد والآخر منبر الدكتور عبد الصبور شاهين ويوجد بجدار القبلة لوحتان ترجعان إلى عصر مراد بك أما المحراب الرئيسى فتعلوه لوحة كتب عليها بماء الذهب أبيات شعر تعطى معنى ترميم المسجد وصاحب هذا الترميم وسنة بناء الإيوان وافتتاحه عام 1212 مـ كما يوجد بالركن الشمالي الشرقي لرواق القبلة قبة يرجع تاريخها إلى عبد الله بن عمرو بن العاص أما صحن الجامع فتتوسطه قبة مقامة على ثمانية أعمدة رخامية مستديرة الشكل وكانت نوافذ الجامع القديمة مزخرفة بزخارف جصية لا زالت بقاياها موجودة بالجدار الجنوبي ويتوج واجهات الجامع من الخارج من أعلى شرافات هرمية مسننة كما أن للجامع مئذنة يرجع تاريخها إلى عصر مراد بك وهي مئذنة بسيطة تتكون من دروة واحدة ذات قمة مخروطية وقد أشيع بين العوام ولوقت قريب عدة خرافات متعلقة بالمسجد العريق وللأسف ترسخ في وجدان البعض صدق هذه المزاعم حتى قامت الجهات المسئولة باتخاذ عدة إجراءات استطاعت من خلالها أن تقضي عليها وتزيلها من نفوس وعقول البسطاء ففي إيوان القبلة من الجهة الشرقية الجنوبية يوجد بئر قديم كان يستخدم قديما في الوضوء ومع مرور الزمن جف هذا البئر إلا من بعض المياه الراكدة وقد شاع بين النساء أن هذا الماء يشفي المرأة العقيم بعد أن يصب على ظهرها وظل هذا البئر قبلة للسيدات حتى قامت هيئة الآثار بوضع غطاء على هذا البئر في الترميم الأخير وشاء القدر أن تجف مياهه بعد مشروع المياه الجوفية حول المسجد لتنتهي هذه الأسطورة التي استمرت سنوات وفي نفس هذا الإيوان من الناحية البحريه كان يوجد محراب صغير كانت السيدة نفيسة رضى الله عنها تتخذه مصلي لها وفي الجمعه اليتيمة كانت السيدات الأميات تأتي لتقبيل هذا المحراب ويقف أحد الخدم بعصا صغير لضرب رؤوسهن إذا غبن في التقبيل لا لشىء إلا لافساح المكان لمزيد من الزبونات فهناك خادم آخر يشاركه المكان وقف خصيصا لجمع القروش من السيدات وعند إجراء الترميمات الأخيره تم إزالة هذا المحراب وسط حزن خدام المسجد الذين اتخذوا من هذه المهزلة وسيلة للتكسب وما زالت الخرافات مستمرة وبفضلها تحول إيوان القبلة على ما يبدو الى معقل لهذه النوعية من الأكاذيب ففي منتصف البائكة الأخيرة منه يوجد عمودان رخاميان كان في عهد الفاروق عمر والفاتح عمرو بن العاص يأتي الى المسجد المتنارعون ليحتكموا إلى عمرو فكان كما أشاع مرددو الأباطيل يدعو الخصوم الى أن يمروا بين هذين العمودين فمن صدق حديثه مر بينهما وإن كان بدينا ضخم الجسم أما إذا كان كاذبا فإنه لا يمر وإن كان نحيفا وبذلك يكون هذان العمودان قد تحولا بفضل البدع والأكاذيب إلى جهاز يكاد يتفوق على جهاز كشف الكذب الشهير والطريف في الأمر أنه وقتها لم تكن توجد أعمدة رخامية بالمسجد وعلى مقربة من دكة القارىء في نفس الإيوان الموعود يوجد هذا العمود الذى أحاطته وزارة الأوقاف بقفص حديدي حتى عام 1986 بعد أن أشيع بين العامة أن الخط الحلزوني المرسوم عليه هو أثر ضربة كرباج عمر بن الخطاب للعمود عندما استعصى على العمال حمله من المدينه إلى الفسطاط أثناء بناء الجامع وعندما ضربه استجاب له وكالعادة استغل البعض هذه الأكذوبة وقاموا بتطويرها وأشاعوا أن المريض بمرض لا يرجى شفاؤه ما عليه إلا أن يضع لسانه على العمود عدة مرات ليحصل على الشفاء وبالطبع انتشرت هذه الخرافة انتشار النار في الهشيم رغم محاولات مشايخ المسجد العديدة تفنيد هذه الأكذوبة التي ينفيها عدم وجود اعمدة رخامية بالمساجد في هذا الوقت سواء في المدينه أو الفسطاط ولم يفلح معهم إلا فكرة قفص الأوقاف التى قامت بإزالة العمود كلية عند إعادة بناء الإيوان وبذلك نسي الناس هذه الأكذوبة المختلقة وكما كان المسجد العريق معقلا لبعض البدع والأساطير كان وسيظل قبلة المصلين من كل مكان والمنارة التي ما زالت إلي يومنا هذا تبث الفكر الإسلامي الرشيد يصف الاستاذ أحمد رزق محامى المسجد المشاهد الإيمانية الرائعة التى يكتظ فيها المسجد بالمصلين فى المناسبات الدينية المختلقة خاصة الاحتفال بليلة القدر وختم القرآن والجمعة اليتيمة وصلاة العيدين قائلا أنه منذ أن تولى فضيلة الشيخ محمد جبريل إمامة التراويح فى المسجد عام 1988وجنبات المسجد تضيق بالمصلين الذين يصل عددهم حوالي نصف مليون أو أكثر خاصه فى ليلة القدر التي يطيل فيها الدعاء ليظهروا فى مشهد رائع تموج فيه أعداد هائلة من البشر تنطلق خارج المسجد بعد الصلاة الى الشوارع والحارات المحيطة به لتصل إلى شارع صلاح سالم شمالاً ومنطقة ماري جرجس جنوباً وغرباً حتى سور مترو الأنفاق مشهد بديع ليس له مثيل يتزلزل الكيان مع الرهيه والقوة لهذا المسجد العريق ومنظر مبهج ورائع خروج المصلين مع شروق الشمس بعدما يصلي الجميع صلاة الضحى بعد يوم من اخلاص للطاعه اللهم تقبل من الجميع

الجمعة، 19 أغسطس 2011

الاعتكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاف

الاعتكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاف


حكم اعتكاف رمضان كاملاً 

السنة التي واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم هي اعتكاف عشرة أيام في كل رمضان وهي العشر الأواخر منه ولكن قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه زاد عليها فقد اعتكف مرة الشهر كله روى ذلك مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخضري رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من رمضان ثم اعتكف العشر الأوسط في قبة تركية على سدتها حصير فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة ثم أطلع رأسه فكلم الناس فدنوا منه فقال : إني اعتكفت العشر الأول ألتمس هذه الليلة ثم اعتكفت العشر الأوسط ثم أتيت فقيل لي إنها في العشر الأواخر فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف فاعتكف الناس معه وثبت عنه أيضاً أنه اعتكف عشرين كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً فبان بهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف الشهر كله وعشرين منه وكان مواظباً على اعتكاف العشر الأواخر فمن اعتكف في سنة من السنين الشهر كله ثم اعتكف في أخرى عشرين منه وكان مواظباً على اعتكاف العشر الأواخر في غير ذلك من السنين يكون قد أصاب السنة إصابة تامة من جميع الوجوه

فقه السنة فى إعتكاف رمضان
قوله : ( إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفة ) ‏احتج به من يقول : يبدأ بالاعتكاف من أول النهار وبه قال الأوزاعي والثوري والليث في أحد قوليه وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد يدخل فيه قبل غروب الشمس إذا أراد اعتكاف شهر أو اعتكاف عشر وأولوا الحديث على أنه دخل المعتكف وانقطع فيه وتخلى بنفسه بعد صلاته الصبح لا أن ذلك وقت ابتداء الاعتكاف بل كان من قبل المغرب معتكفا لابثا في جملة المسجد فلما صلى الصبح انفرد قوله : ( وإنه أمر بخبائه فضرب ) ‏قالوا : فيه دليل على جواز اتخاذ المعتكف لنفسه موضعا من المسجد ينفرد فيه مدة اعتكافه ما لم يضيق على الناس وإذا اتخذوه يكون في آخر المسجد ورحابه لئلا يضيق على غيره وليكون أخلى له وأكمل في انفراده قوله : ( نظر فإذا الأخبية فقال : البر يردن ؟ فأمر بخبائه فقوض ) ‏( قوض ) بالقاف المضمومة والضاد المعجمة أي : أزيل وقوله : ( البر ) أي : الطاعة قال القاضي : قال صلى الله عليه وسلم هذا الكلام إنكارا لفعلهن وقد كان صلى الله عليه وسلم أذن لبعضهن في ذلك كما رواه البخاري قال : وسبب إنكاره أنه خاف أن يكن غير مخلصات في الاعتكاف بل أردن القرب منه ; لغيرتهن عليه أو لغيرته عليهن فكره ملازمتهن المسجد مع أنه يجمع الناس ويحضره الأعراب والمنافقون وهن محتاجات إلى الخروج والدخول لما يعرض لهن فيبتذلن بذلك أو لأنه صلى الله عليه وسلم رآهن عنده في المسجد وهو في المسجد فصار كأنه في منزله بحضوره مع أزواجه وذهب المهم من مقصود الاعتكاف وهو التخلي عن الأزواج ومتعلقات الدنيا وشبه ذلك أو لأنهن ضيقن المسجد بأبنيتهن وفي هذا الحديث دليل لصحة اعتكاف النساء ; لأنه صلى الله عليه وسلم كان أذن لهن , وإنما منعهن بعد ذلك لعارض وفيه أن للرجل منع زوجته من الاعتكاف بغير إذنه وبه قال العلماء كافة فلو أذن لها فهل له منعها بعد ذلك ؟ فيه خلاف للعلماء فعند الشافعي وأحمد وداود له منع زوجته ومملوكه وإخراجهما من اعتكاف التطوع ومنعهما مالك وجوز أبو حنيفة إخراج المملوك دون الزوجة ‏‏قولها : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر ) ‏وفي رواية : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لم يجتهد في غيره ) اختلف العلماء في معنى ( شد المئزر ) فقيل : هو الاجتهاد في العبادات زيادة على عادته صلى الله عليه وسلم في غيره ومعناه : التشمير في العبادات يقال : شددت لهذا الأمر مئزري , أي : تشمرت له وتفرغت , وقيل : هو كناية عن اعتزال النساء للاشتغال بالعبادات ‏وقولها : ( أحيا الليل ) أي : استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها وقولها : ( وأيقظ أهله ) أي : أيقظهم للصلاة في الليل وجد في العبادة زيادة على العادة ‏ففي هذا الحديث : أنه يستحب أن يزاد من العبادات في العشر الأواخر من رمضان واستحباب إحياء لياليه بالعبادات وأما قول أصحابنا : يكره قيام الليل كله فمعناة : الدوام عليه ولم يقولوا بكراهة ليلة وليلتين والعشر ولهذا اتفقوا على استحباب إحياء ليلتي العيدين وغير ذلك ( والمئزر ) بكسر الميم مهموز وهو الإزار والله أعلم

اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم بين الأحكام الفقهية، والقيم التربوية
صفة اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم
 من أهم دواعي الاطمئنان على صحة العمل ورجاء قبوله عند الله تعالى أن يكون هذا العمل موافقاً للشريعة الشريفة لأن الجد والسعي مهما عظم إن عرى عن موافقة الشرع عرى عن قبول الله له ومن ثمة كان السلف يقولون اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة  ومن ثمة كان العون من الله تعالى على تعقب الطريقة المحمدية في العبادة والسلوك والمعاملة وتحري السنة النبوية في جوانب الأعمال الإيمانية المختلفة نقول كان العون من الله في ذلك مطلب العابدين وبغية العاملين الأمر الذي يشجع مثلي على تلخيص أهم جوانب الاتباع في عبادة النبي صلى الله عليه وسلم تشرفاً بالانتماء إليه وتزلفاً إلى الله تعالى باتباع هديه ولما كان الاعتكاف سنَّة من أطيب السنن العبادية وطريقة من أمتع الطرق السلوكية والتربوية كان من الحسن التعرف إلى الهدي النبوي الكريم فيها تسهيلاً لطريق الاتباع وسداً لمسارب الابتداع عسى أن يكتبنا الله في الذين عناهم المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله إن الله وملائكته ليصلون على معلمي الناس الخير فريضة قديمة يصح أن نقول إن اعتكاف النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو من قبيل إحياء السنن القديمة التي ترجع إلى ما قبل سيدنا إبراهيم عليه السلام يلفتنا إلى ذلك لفتاً شديداً قوله تعالى في سورة البقرة في الآية 125 وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود فالعاكفون المذكورون في الآية هم المعتكفون سواء عبر عنها ابن عباس بأنهم الجالسون أو عطاء بأنهم المجاورون بمكة أو ابن عمر بأنهم  الذين ينامون في البيت الحرام ولذلك رجح الرازي أنهم من يقيم هناك ويجاور وهو المفهوم من اختيار أبي طالب القيسي قال أبو محمد عبدالحق بن عطية الغرناطي فمعناه لملازمي البيت إرادة وجه الله وكان من دأب النبي صلى الله عليه وسلم إحياء سنن الأنبياء السابقين خصوصاً أباهم إبراهيم عليه السلام صاحب الملة القويمة والدعوة الكريمة من ثم كان الاعتكاف في المسجد هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم وطريقته التي واظب عليها إلا أنه اختار لها أياما هي من أعظم الأيام عند الله وموسماً هو من خير المواسم ـ إن لم يكن خيرها على الإطلاق ـ وهو العشر الأواخر من رمضان تخبر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله
 وهذا من منطلق التشمير للطاعات في مواعيد القرب والاغتراف من معين البركات حين تتفسح الطرقات وتتكشف الأغطية وهو من فنون العبادة التي يؤتاها الصادقون في مودتهم مع الله جل وعلا ومن فقه الطاعة الذي يمنحه الموفقون في سلوكهم إليه تعالى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو رائدهم وفرطهم ومقدمهم به الاقتداء ومنه الاهتداء ولعل السيد الجرجاني التفت إلى معنى تربوي للاعتكاف حين عرفه بقوله الاعتكاف : تفريغ القلب عن شغل الدنيا وتسلم النفس إلى المولى وقيل : الاعتكاف والعكوف الإقامة معناه : لا أبرح عن بابك حتى تغفر لي
 أين اعتكف النبي صلى الله عليه وسلم
 ولو شئت أن تعرف الموضع الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف فيه فقد قال نافع مولى ابن عمر : وقد أراني عبدالله بن عمر المكان الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف فيه من المسجد
 نعم! هذا هو اتباع الأثر وتعقب السنَّة واقتفاء السبيل وهذا هو طريق الهدي وأصل الفلاح
 وهذا المكان تحدده رواية ابن ماجه عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا اعتكف طرح له فراشه أو يوضع له سريره وراء إسطوانة التوبة وهذا حديث حسن جداً قال عنه البوصيري:  هذا إسناد صحيح رجاله موثوقون واسطوانة التوبة هي التي تاب عندها أبو لباية ـ وهو رفاعة بن عبدالمنذر ـ من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وكان حليفاً لبني قريظة فأشار إليهم بما أفهمهم حكم النبي فيهم وهو الذبح فأراد أن يتوب فانطلق إلى المسجد وربط نفسه باسطوانة من أساطينه بضع عشرة ليلة حتى تاب الله عنه وأطلقه النبي صلى الله عليه وسلم
 وهذه الاسطوانة هي الرابعة من ناحية المنبر فهي تلي اسطوانة عائشة من جهة المشرق بلا فاصل وهي الثانية من ناحية القبر والثالثة من ناحية القبلة وشرقي هذه الاسطوانة تقع اسطوانة أخرى اسمها اسطوانة السرير ذكر أن سرير النبي صلى الله عليه وسلم كان يوضع عندها ـ حتى ظن ابن فرحون أن هذه الاسطوانة هي عينها اسطوانة التوبة لكن يبدو أن السرير كان يوضع بين الاسطوانتين لأنه كان يوضع وراء اسطوانة التوبة< يعني أمام الاسطوانة الشرقية وهذا يجمع بين الاسمين وقد يكون ما أورده صاحب الذخائر القدسية من أن النبي كان يعتكف وراء اسطوانة التوبة من ناحية القبلة يساعد على هذا الجمع بين التسميات
 الخباء والخلوة الصحيحة
 ومعروف من خلال كتب الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتكف ضرب له خباء، وهو قبة تشبه الخيمة وهذا أعون على الخلوة والانصراف إلى الله، والانقطاع عن الشواغل الخارجية، وفي هذا تمام السكينة بمناجاة الحق سبحانه ونستعير من الإمام ابن القيم هذه الكلمات التي يتحدث فيهن عن خلوة المعتكف بأن الله تعالى:  شرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى وجمعيته عليه، والخلوة به والانقطاع عن الاشتغال بالخلق، والاشتغال به وحده سبحانه ـ بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته فيستولي عليها بدلها ويصير الهم به كله والخطرات كلها بذكره والفكرة في تحصيل مراضيه فيصير أنسه بالله بدلاً من أنسه بالخلق فهذا هو مقصود الاعتكاف الأعظم
 ويقول القرطبي في المفهم: >في قبة تركية: هي قبة صغيرة من لبد
 ولا شك أن اختيار الخوص والحصير واللباد ـ مع وجود أنواع القماش ـ يوحي بالتقشف والتقلل من المتاع وهذا مناسب للخلوة بالجليل سبحانه
 فأما خباء النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يتخذه فهو >قبة تركية على سدتها قطعة حصير على حد تعبير أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في صحيح ابن خزيمة ويفسر لنا الرواة ذلك بأنها قبة خوص بابها من حصير
 وقت اعتكافه صلى الله عليه وسلم
 أما عن زمان اعتكافه صلى الله عليه وسلم فالثابت الذي لا ريب فيه ولا اختلاف أنه اعتكف في رمضان، وأنه قضى الاعتكاف مرة في شوال وكذلك الثابت أن آخر الأمر هو اعتكافه في العشر الأواخر من رمضان وهو المستفاد من حديث عائشة الآنف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى
 إلا أن الأمر الذي تتداوله الرواة هو أنه صلى الله عليه وسلم اعتكف أولاً في العشر الأوائل ثم في العشر الأوسط، يدل على ذلك حديث أبي سعيد عند ابن خزيمة والطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر والأوسط ـ وذلك التماساً لليلة القدر ـ فلما أوحى إليه أنها في العشر الأواخر مكث العشر الأواخر ثم ظل على اعتكاف هؤلاء العشر حتى توفاه الله ومثل هذا روي عن أم سلمة عند الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف أول سنة العشر الأول ثم اعتكف العشر الأوسط ثم اعتكف العشر الأواخر وقال:  إني رأيت ليلة القدر فيها فأنسيتها فلم يزل يعتكف فيهن حتى قبض صلى الله عليه وسلم
 وفي هذه الأحاديث ما يشعر بجد النبي وصحابته في طلب ليلة القدر وفيه ملمح تربوي يلفت إلى جدية طلب الخيرات وعدم اليأس من البحث عن الهدى وتحري الفضائل، وقد يستنتج منها حكم فقهي وهو اشتراط الصوم في صحة الاعتكاف وهو مذهب جماهير السلف وأكثر الصحابة وبه أخذ أبوحنيفة ومالك وهي الرواية المعتمدة عند المتأخرين من الحنابلة وهو الصواب الذي نميل إليه
 متى يدخل المعتكف؟ ومتى يخرج؟
 ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: >كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه
 وهذا لفظ صريح في أنه كان يدخل المعتكف بعد صلاة الفجر ـ لا قبلها، وفي وعند البخاري:  فكنت أضرب له خباء فيصلي الصبح ثم يدخله
 ومن ثمة ذهب الأوزاعي والليث وسفيان الثوري إلى الجزم بأن أول وقت دخول المعتكف هو بعد صلاة الصبح وعبارة ابن حجر تميل إليه، ولفظ الحديث يسنده، بل يستدعيه وذهب الأئمة الأربعة إلى أنه يدخل المعتكف قبيل غروب الشمس وأوَّلوا هذا الحديث على أنه أوان بدء الخلوة بالنفس لا دخول الاعتكاف ومنهم من فرَّق بين من نوى اعتكاف الأيام فيدخل بعد صلاة الصبح ومن نوى اعتكاف الليالي فيدخل قبل المغرب وهذا هو المبثوث في أكثر كتب الفقه وشروح الحديث
 إلا أن المتأمل لا يجد اضطراراً لذلك التأول والمخالفة للظاهر، فالاعتكاف عبادة ومدار العبادة على الاتباع للظاهر أو المفهوم وليس لاستدامة النظر مجال بحيث يؤول الحديث لمجرد الافتراض وقد بحثت عن حديث صحيح أو حسن أو ضعيف يصلح معه تأويل الحديث الصريح السابق فلم أجد إلا افتراض وجوب دخول النبي صلى الله عليه وسلم قبل الغروب وإلا لما كان معتكفاً العشر بتمامه ـ على حد تعبير المباركفوري في شرحه للترمذي
 أقول : قد قنع السلف بظاهر الحديث وعبَّر الخطابي في شرح الحديث عن ذلك بقوله:  فيه من الفقه أن المعتكف يبتدئ أول النهار ويدخل في معتكفه بعد أن يصلي الفجر وإليه ذهب الأوزاعي وبه قال أبو ثور
 وقال مالك والشافعي وأحمد يدخل في الاعتكاف قبل غروب الشمس إذا أراد اعتكاف شهر بعينه، وهو مذهب أصحاب الرأي
 وتمسك بهذا الظاهر بعض المتأخرين ـ وأحسنوا ـ قال العلامة الصنعاني في سبل السلامبعد ذكر الحديث:  فيه دليل على أن وقت الاعتكاف بعد صلاة الفجر وهو ظاهر في ذلك، وقد خالف فيه من قال إنه يدخل المسجد قبل طلوع الفجر إذا كان معتكفاً نهاراً وقبل غروب الشمس إذا كان معتكفاً ليلاً وأول الحديث بأنه كان يطلع الفجر وهو في المسجد ومن بعد صلاته الفجر يخلو بنفسه في المحل الذي أعده لاعتكافه قلت :  ولا يخفى بعده فإنها كانت عادته، ألا يخرج من منزله إلا عند الإقامة انتهى كلام الصنعاني والحاصل أن تأول الحديث، وتكلف فهمه على مقتضى النظر المجرد دون أن تسنده الرواية ليس من الصواب• والله أعلم
 وأما خروج النبي صلى الله عليه وسلم من معتكفه فلم أقف على شيء صحيح صريح في التوقيت إلا أنه يبدو أن السنَّة كانت الخروج من المعتكف إلى الصلاة ـ يعني صلاة العيد قال إبراهيم : كانوا يحبون لمن اعتكف العشر الأواخر من رمضان أن يبيت ليلة الفطر في المسجد ثم يغدو من المسجد إلى المسجد
 الهدي النبوي في المعتكف
 وإذا ما علمنا القيمة التربوية للاعتكاف والمتعة الروحية في المعتكف فلا تسل عن السيرة النبوية في معتكفه إنه التعبير عن الشوق إلى الله واللجوء إلى حماه سبحانه والاشتغال به عمن سواه لا يخلو وقته عن عرض القرآن ومدارسته مع جبريل عليه السلام أو الصلاة وقراءة القرآن وألوان العبادة الروحية يشغله ذلك عن عيادة المريض وشهود الجنائز لأن السنَّة على المعتكف ألا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأته ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلا لما لابد منه فإذا كان لابد له من عيادة مريض عاده ماراً عليه ـ دون أن يعرج عليه وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان، حتى إنه كان إذا أراد أن يمتشط أخرج رأسه من المعتكف إلى حجرة عائشة فمشطته، ولا يخرج بدنه
 لذلك نقل ابن المنذر وغيره إجماع العلماء على جواز خروج المعتكف للبول والغائط >وهي حاجة الإنسان وفي حكمه الطعام والشراب، إن لم يتمكن من أن يكلف غيره بذلك أو من اصطحابه في المسجد إن لم يؤذ المسجد أو المصلين بذلك
 إلا أن هذا العكوف المبارك لم يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من بعض المباحات التي فعلها تشريعاً لأمته وبياناً لجوازها، مثل السمر مع ضيوفه ساعة بالنهار أو بالليل ـ وبخاصة زوجاته، فهو قد استقبل زوجه أم المؤمنين صفية بنت حيي فسمرا معاً ساعة، ثم قال لها: لا تعجلي حتى انصرف معك فمشى معها حتى بلغا باب المسجد
 هذا على الأصح من الروايات، وقد وهم جماعة فظنوا أنه خرج معها من المسجد، وإنما توهموا ذلك لأن في الحديث   وكان بيتها دار أسامة فخرج معها النبي صلى الله عليه وسلم فلقيهما رجل من الأنصار
 ففهموا من السياق أنهما خرجا معاً إلى دار أسامة بعيداً عن المسجد وأن الأنصاريين لقياهما خارج المسجد لكن قال الحافظ ولكن لا دلالة فيه لأنه لم يثبت أن منزل صفية كان بينه وبين المسجد فاصل زائد
 والظاهر أن المراد بقوله: دار أسامة أنها الدار التي أصبحت بعد ذلك لأسامة بن زيد، لأن أسامة لم يكن له في هذا الوقت دار مستقلة
 ثم وجدت الحافظ ابن خزيمة يترجم بابا من أبواب كتابه قائلاً:  باب ذكر الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما بلغ مع صفية حين أراد قلبها إلى منزلها باب المسجد لا أنه خرج من المسجد فردها إلى منزلها
 وذكر فيه حديثاً ـ لفظه عن البخاري أيضاً ـ وفيه : حتى إذا بلغت باب المسجد الذي عند باب أم سلمة مر بها رجلان من الأنصار
 ولذلك ترجم البخاري لهذا الحديث بقوله : باب هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد؟
 قال الحافظ وفي الحديث من الفوائد جواز اشتغال المعتكف بالأمور المباحة من تشييع زائره والقيام معه والحديث مع غيره وإباحة خلوة المعتكف بالزوجة وزيارة المرأة لمعتكف
 ولم يختلف أحد في جواز الاشتغال بالمباحات بعض الوقت لكن مع التأكيد أن الاعتكاف ـ في أصله ـ خلوة بالله تعالى فينبغي أن يقلل المرء مما يشغله عن ربه وهذا كان دأب النبي صلى الله عليه وسلم
 ويستافد من الأحاديث الصحيحة المروية في اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقود المعتكفين إلى الخير ولا يمنعه اعتكافه من أمرهم بالمعروف وتعريفهم بالصواب فقد روى الإمام أحمد وغيره أن الصحابة ـ وهم معتكفون مع النبي قرأوا القرآن فكل منهم قرأه بصوت مرتفع فأخرج النبي رأسه من خبائه : وقال لهم : ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضاً ولا يرفعن بعضكم على بعض في القراءة
 وهذا يدل على أن القائد لا يتخلى عن موضع القيادة والدأب في مصلحة أصحابه حتى في لحظات الخلوة بربه لأن أبواب الخير لا يدفع وإنما يشد بعضها بعضاً
 نفحات أخرى
 ورسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتابع أصحابه المعتكفين يتركهم يفعلون المباح ولا يحجر عليهم في ذلك، فهم يضعون متاعهم في المسجد ما لم يؤذوا به المصلين وهو لا يكف عن تحميسهم على القيام والتهجد وتحبيب ذلك لهم ويعمل من الأعمال ما يبشرهم به فهو يصف لهم ليلة القدر نفسها، فيما روي عنه بأنها >ليلة طلقة بلجة، لا حارة ولا باردة ويخبرهم بشمس صبيحتها بأنها تطلع لا شعاع لها مثل الطست ـ حتى ترتفع
 بل ربما تحرى هو أن ينظر إلى القمر، فيقول لهم : خرجت حين بزغ القمر، كأنه فلق جفنة ثم يقول:  الليلة ليلة القدر
وقد يجد أن من واجبات التربية وضرورات التوجيه أن يلغي اعتكافه الذي شرعه ليكون لإلغاء اعتكافه أثر في نفوس من يريد الاعتبار فقد شرع في اعتكافه عاماً فضرب قبته فاستأذنته عائشة، فأذن لها فضربت لها قبة، فما لبث نساؤه أن عرفن ذلك فتوافدن إلى المسجد كل تضرب لها قبة فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك استشعر أن دافعهن هو الغيرة والمسابقة في القرب منه صلى الله عليه وسلم فقال لهن:  آلبر تردن؟
 فنقض اعتكافه ذلك الشهر وأمرهن أن ينقضن أخبيتهن ثم اعتكف في شوال ولم يرد أنهن اعتكفن معه
 قال النووي : وسبب إنكاره أنه كره أن يكن غير مخلصات في الاعتكاف بل أردن القرب منه لغيرتهن عليه
أقول : وإنما لم يكتف بالتوجيه، أو بأمرهن أن ينقضن اعتكافهن وحسب لأهمية هذا التوجيه وخطورة هذه الخطوة التي أقدمن عليها من حيث دوافعها فأراد أن يحدث مقابل ذلك حدثاً باقي الأثر قوي الدلالة وهو نقضه هو نفسه الاعتكاف، وفي هذا مبالغة في التوجيه عند موقف يستحق هذه المبالغة لأنه يتعلق بإخلاص العبادة لله تعالى وهو المحور الذي تدور حوله قلوب الموحدين
 قال الحافظ وفيه ـ أي الحديث ـ شؤم الغيرة، لأنها ناشئة عن الحسد المفضي إلى ترك الأفضل لأجله وفيه ترك الأفضل إذا كان فيه مصلحة وأن من خشي على عمله الرياء جاز له تركه وقطعه
 قضاء الاعتكاف ومضاعفته
 إلا أن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في الأعمال تظهر خلقاً واضحا وسلوكاً دائما  تجاه العمل الصالح وهو محبته صلى الله عليه وسلم المداومة على الصالحات ومواصلة القربات من ثمة رأيناه إذا عمل من الصالحات عملاً ـ وإن كان مستحباً لا واجباً ـ داوم عليه فإن تركه لعذر قضاه والاعتكاف أحد الأمثلة الواضحة على هذا الهدي النبوي الكريم فالحديث السابق يذكر أنه صلى الله عليه وسلم لما نقض اعتكافه في العشر الأخيرة من رمضان قضاه في شوال وقد صنع ذلك كلما اضطر إلى ترك الاعتكاف فروى الترمذي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتكف عاماً في رمضان فلما كان في العام المقبل اعتكف عشرين والظاهر أن سبب تركه للاعتكاف هذا العام كان لعذر السفر فقدر روى النسائي وابن حبان رواية واضحة في ذلك عن أبي بن كعب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان فسافر عاماً فلم يعتكف فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين يوماً ومثله حديث أنس ـ عنده ـ أنه صلى الله عليه وسلم إذا كان مقيماً اعتكف العشر فإذا سافر اعتكف من العام المقبل عشرين
 هذا هو أدب النبي الكريم في كل العبادات وهو مشعر بمدى وده صلى الله عليه وسلم للعبادة وحرصه على اتصاله بها واتصالها به وتفانيه في العطاء من نفسه لرضا ربه وفيه ما فيه من الزاد لمن خلفه من المحبين وورثة علمه من العاملين المخلصين

الثلاثاء، 9 أغسطس 2011

رمضان شهر القران










رمــــــــــــــــــضان

ر : رحمه
مـ : موده
ـضـ : ضياء من الرحمن
ــا : استقامة الصالحين
ن : نور القران

شهر رمضان هو الشهر التاسع في التقويم الهجري وهذا الشهر شهر مميز عند المسلمين عن باقي شهور السنة الهجرية فهو شهر الصوم يمتنع في أيامه المسلمون عن الشراب والطعام والجماع من الفجر وحتى غروب الشمس
كما أن لشهر رمضان مكانة خاصة لدى المسلمين لان في هذا الشهر بدأ نزول الوحي وأول ما نزل من القرآن على النبي محمد بن عبد الله كان في ليلة القدر من هذا الشهر في عام 610 م حيث كان رسول الله في غار حراء عندما جاء إليه الملك جبريل وقال له ) اقرأ باسم ربك الذي خلق ( وكانت هذه هي الآية الأولى التي نزلت من القرآن والقرآن أنزل من اللوح المحفوظ ليلة القدر جملة واحدة فوضع في بيت العزة في سماء الدنيا في رمضان ثم كان جبريل ينزل به مجزئا في الأوامر والنواهي والأسباب وذلك في ثلاث وعشرين سنة

اختلف في اشتقاق كلمة رمضان فقيل إنه من الرمض وهو شدة الحر فيقال يَرْمَضُ رَمَضاً اي اشتدَّ حَرُّه وأَرْمَضَ الحَرُّ القومَ اي اشتدّ عليهم الحَر
قال ابن دريد : لما نقلوا أَسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأَزمنة التي هي فيها فوافَقَ رمضانُ أَيامَ رَمَضِ الحرّ وشدّته فسمّي به
وقال الفَرّاء: يقال هذا شهر رمضان وهما شهرا ربيع ولا يذكر الشهر مع سائر أَسماء الشهور الهجرية
يقال : هذا شعبانُ قد أَقبل وشهر رمضانَ مأْخوذ من رَمِضَ الصائم يَرْمَضُ إذا حَرّ جوْفُه من شدّة العطش
قال الله عز وجل في القرآن الكريم ( شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن )

صدق رسولنا الكريم حين قال من فضل رمضان ان فيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار إذا كانت أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ونادى مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة
مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ - متفق عليه – صدق رسولنا الكريم خاتم الانبياء والمسلمين

وفي رمضان تزكية للنفس وقرب من الله فيه أيضا تغلق أبواب النار وتصفد الشياطين وتفتح أبواب الرحمة وقت الصيام في رمضان من بزوغ الفجر وحتى غروب الشمس ورد في القرآن ) وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ) (الآية 187 من سورة البقرة ) ومعظم الصائمين يصحون قبل بزوغ الفجر ويتناولون وجبة صغيرة ويشربون الماء (تسمى هذه الوجبة السحور) استعداداً ليوم الصوم وقد ورد عن فضل السحور أن رسول الإسلام قال تسحروا فإن في السحور بركة (متفق عليه) وفي الصوم أيضاً يجب أن يمتنع المسلم عن الكلام البذيء والفعل السيئ كما ورد في الحديث الشريف - إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل اللهم إني صائم. قال تعالى ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان )
في كل سنة نستقبل ضيفا عزيزا على قلوبنا وهذا الضيف لايأتي في العام إلا مرة واحدة فهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن وشهر تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران وتصفد فيه الشياطين وفيه ليلة عظيمة ليلة خير من ألف شهر وهي ليلة القدر ويستحب في هذا الشهر تعجيل الإفطار وتأخير السحور قال النبي "لاتزال أمتي بخير ما قدموا الفطور وأخروا السحور" وفيه تجب القيام بالأعمال الصالحة ولا تنسى ذكر الله والاستغفار مع قراءة كتاب الله عز وجل



رمضان والقرآن
في هذا الشهر الله عزوجل أنزل القرآن على الرسول محمد في شهر رمضان وبالتحديد في ليلة القدر وهي ليلة يرجح البعض أنها ليلة السابع والعشرين من رمضان ويرى آخرون أنها غير معلومة على وجه التحديد وإنما هي في العشر الأواخر وفي ليالي الوتر أوكد ونزول القرآن قيل إن أول آية نزلت على النبي في رمضان وذلك كما ورد في حديث الرسول حين نزل عليه جبريل قائلا : اقرأ فقال محمد صلي الله عليه و سلم ما أنا بقارئ قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ قلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال { اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم } فرجع بها رسول الله يرجف فؤاده - متفق عليه.
و من قبل ذلك شهد هذا الشهر نزولا آخر إنه نزول القرآن جملة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا وكان ذلك في ليلة القدر، قال الله تعالى ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة )
قال ابن عباس أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا ليلة القدر ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة [ النسائي والحاكم ]
وقال ابن جرير : نزل القرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا في ليلة القدر من شهر رمضان ثم أنزل إلى محمد على ما أراد الله إنزاله إليه

قيام رمضان
صلاة التراويح هي صلاة نافلة يصليها المسلمون في رمضان وقتها بعد صلاة العشاء إلى صلاة الفجر صفتها مثنى مثنى ثم يوتر بواحده أي ركعتين ركعتين ثم يصلي ركعة واحدة يدعو فيها بما شاء من خيري الدنيا والاخرة لم يصلها الرسول جماعة إلا ثلاثة ليال حتى لا تفرض على المسلمين إلا أنه كان يصليها طول حياته ولم يكن يدع قيام الليل لا سفرا ولا حضرا وسن عمر بن الخطاب صلاتها جماعة حتى لا تتعدد الجماعات في المسجد الواحد حيث قال عنها نعمت البدعة

عقوبة المجاهرة بالإفطار في رمضان
دينياً
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلانِ فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ فَأَتَيَا بِي جَبَلا وَعْرًا
فَقَالا اصْعَدْ
فَقُلْتُ إِنِّي لا أُطِيقُهُ
فَقَالا إِنَّا سَنُسَهِّلُهُ لَكَ فَصَعِدْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي سَوَاءِ الْجَبَلِ إِذَا بِأَصْوَاتٍ شَدِيدَةٍ قُلْتُ مَا هَذِهِ الأَصْوَاتُ
قَالُوا هَذَا عُوَاءُ أَهْلِ النَّارِ ثُمَّ انْطَلَقَا بِي
فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ مُشَقَّقَةٍ أَشْدَاقُهُمْ تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَؤُلاءِ؟
قَالَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ".
قانوناً
تنص قوانين بعض البلدان المسلمة بمعاقبة المجاهرة بالإفطار في رمضان تختلف العقوبة من بلد لأخر من غرامة مالية إلى مدة محدودة من السجن أو تنفيذ خدمات مدنية
حدث في رمضان
عام 13 قبل الهجرة ليلة القدر وهي الليلة التي نزل فيها القرآن بحسب المصادر الإسلامية وأول آية في القرآن وهي (اقرأ)، ومختلف موعدها فهي في الأيام الفردية من العشر الأواخر من الشهر، الهجرة, وفي هذا اليوم أيضاً أسلمت خديجة بنت خويلد، وهي أول من آمن برسالة نبي الإسلام محمد.

عام 1 هـ : سرية حمزة وأول لواء يعقده رسول الإسلام وكان ذلك على رأس سبعة أشهر من مهاجره على ثلاثين راكباً إلى ساحل البحر فبلغوا سيف البحر يعترضون عيراً لقريش قد جاءت من الشام تريد مكة فيها أبو جهل في ثلاثمائة راكب فالتقوا واصطفوا للقتال فمشى بينهم مجدي بن عمرو الجُهني حتى انصرف الفريقان بغير قتال

عام 2 هـ : غزوة بدر الكبرى يوم الجمعة 17 رمضان سماها القرآن يوم الفرقان وهي هذا العام أيضا فرض الجهاد وفرضت زكاة الفطر والزكاة ذات الأنصبة وشرعت صلاة العيد

عام 2 هـ وفاة رقية بنت محمد إثر مرض أصابها في رمضان

عام 3 هـ مولد الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه في 15 رمضان السنة الثالثة للهجرة

عام 4 هـ زواج محمد رسول الإسلام بزينب بنت خزيمة

عام 5 هـ غزوة بني المصطلق

عام 8 هـ فتح مكة. الفتح الأعظم فتح مكة: في عشرين رمضان سنة 8 هجرية. ويسمى فتح الفتوح، حيث دخل الناس على أثره أفواجاً في دين الإسلام. كان فيه إسلام أبي سفيان وعدد كبير من قادة المشركين، وفيه كان الأمر بهدم الأصنام من حول الكعبة

عام 9 هـ : قدوم رسول ملوك حمير إلى رسول الإسلام. وإسلام وفد ثقيف

عام 11 هـ وفاة فاطمة بنت محمد

عام 40 هـ استشهاد الأمام علي بن أبي طالب بالكوفة ضربه عبد الرحمن بن ملجم الحِميري فجر التاسع عشر من رمضان وتوفي في اليوم الحادي والعشرين من نفس الشهر وهو ابن ثلاث وستين سنة

عام 58 هـ وفاة زوجة الرسول عائشة

عام 92 هـ فتح الأندلس

عام 702هـ معركة شَقحَب أو معركة مرج الصفر

عام 114 هـ موقعة بلاط الشهداء في 1 رمضان أكتوبر 732م المعركة في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك في سهول فرنسا على ضفاف نهر اللوار بين المسلمين وقائدهم عبد الرحمن الغافقي وبهذه المعركة خسر المسلمون آخر محاولة بذلتها الخلافة لفتح الغرب وإيصال الإسلام إليه وقد سميت ببلاط الشهداء لكثرة قتلى المسلمين فيها

عام 218 هـ دخول المعتصم بالله بغداد بعد توليه الخلافة

عام 222 هـ فتح مدينة بابك بخراسان في خلافة المعتصم

عام 223 هـ فتح عمورية في 6 رمضان ووقعت هذه المعركة بين المسلمين بقيادة المعتصم الخليفة العباسي وبين الروم وذلك بعد أن استنجدت امرأة بالمعتصم فصرخت 'وامعتصماه ' فسمع المعتصم بالخبر وجهز جيشا وفتح عمورية

عام 479 هـ معركة الزلاقة بالأندلس انتصر فيها المعتمد بن عباد ملك إشبيلية بالأندلس على قوات الفرنجة الإسبان

عام 559 هـ وقعة حارم في 9 رمضان نور الدين زنكي ينتصر على الصليبيين ويأسر قائدهم ويستعيد مدينة حارم بالشام

عام 570 هـ فتح بعلبك في بلاد الشام في 14 رمضان فتح القائد صلاح الدين الأيوبي عدة مدن في بلاد الشام كان من بينها فتح بعلبك التي كانت في أيدي الصليبيين

عام 584 هـ فتح الكرك وصفد وكانتا في أيدي الصليبيين

عام 587 هـ أخذ الفرنج عكا

عام 654 هـ حريق كبير حدث في مدينة مسجد الرسول وهي أحد علامات القيامة الصغرى التي اخبر عنها قبل حدوثها بمئات السنين
عام 658 هـ معركة عين جالوت في 24 رمضان الموافق6 سبتمبر 1260 التي انتصر فيها المسلمون بقيادة السلطان قطز على التتار المغول بقيادة هولاكو

عام 663 هـ انتصار مسلمي المغرب على الفرنج الصليبيين

عام 666 هـ فتح أنطاكية على يد السلطان الملك الظاهر بيبرس. وكانت في أيدي الصليبيين

عام 1393 هـ حرب أكتوبر أو العاشر من رمضان، انتصر فيها المصريون والسوريون على الإسرائيليين في كل من جبهتي سيناء والجولان وقعت هذه المعركة في 10 رمضان 1393 هـ، الموافق 6 أكتوبر 1973
زكاة الفطر
زكاة الفطر هي فرض على المسلمين جميعا رجال ونساء كبار وصغار بشرط أن يمتلك الفرد قوت يوم وليلة العيد ويجب إخراجها قبل صلاة العيد فلو اخرجها شخص بعد الصلاة فلا تعتبر زكاة فطر بل صدقة من الصدقات ويجوز إخراجها قبل يوم أو يومين من العيد حسب التشريع الإسلامي